تقبيل الأيدى عادة مصرية قديمة ومعروفة، وهى مرتبطة بالتبجيل والحب والاحترام لشخص ما يشترط أن يكون متقدمًا فى العمر. وأذكر جيدًا أننى مع أولاد عمومتى ونحن أطفال كنا نقبل يد جدى رحمه الله، وكنت كطفل قاهرى لا أعرف ولم أسمع عن هذه العادة، ولكننى رأيتها ومارستها وأنا طفل أثناء زيارتى للموطن الأصلى للأسرة فى شبين الكوم، وكان عمرى عشر سنوات وكان جدى قد تجاوز السبعين.
وبعد أن دخلت المدرسة الثانوية توقفت هذه العادة تلقائيًا، ولم يحدث أن أولادى قبلوا يد أبى وهو جدهم، وهذه العادة التى أعتقد أنها انقرضت تدريجيًا فى العائلات المصرية الريفية لم تكن تعنى أو ترمز إلى عبودية من يقبل يد جده، وإنما هى تقليد قديم منبعه الحب والاحترام، وهو شىء مشابه لتقبيل الأقباط المصريين لأيادى الآباء فى الكنيسة.
وفى العصر الحديث كان أول ما لفت نظرى إلى فكرة العبودية فى هذه العادة هو الصورة التى ظهر فيها عضو مجلس الشعب المصرى عن الإخوان المسلمين، وقد تجاوز الخمسين من عمره، وهو يطبع قبلة على يد الأستاذ عاكف، مرشد الإخوان المسلمين، وهو جالس مادًا يده فى انتظار القبلة، لقد هالنى هذا المنظر، وشعرت بوخزة فى قلبى لأن هذه الصورة أعطتنى انطباعًا بأن عضو مجلس الشعب الممثل لكل أهل دائرته، من إخوان أو غير إخوان ومن مسلمين وأقباط، يقبل يد رئيس حزب دينى وهذا أعطانى الإحساس بأن الموضوع ليس تعبيرًا عن الاحترام أو حتى الولاء، وإنما هو نوع من التقديس لزعيم سياسى قد يخطئ وقد يصيب.
وأعتقد أن المشهد تكرر بصور مختلفة من أعضاء فى أحزاب سياسية أخرى، وربما لم يصل الأمر إلى تقبيل الأيدى وإنما يحدث ما يشير إلى العبودية عن طريق الكلام والاستجداء والمديح الزائف المبالغ فيه بطريقة فجة إلى جميع القيادات السياسية والتنفيذية من أعلى المستويات إلى أدناها، وتمارس القيادات نفسها هذه العادة الرذيلة المهينة حين يتحدث كل منهم عن المرؤوس الأعلى، وتحلق كلمات المديح الزائف الممجوج فى عنان السماء حين يطال المديح رئيس الجمهورية.
وما حدث هذا الأسبوع من حادثة تقبيل عجوز مصرية يد نائبة رئيس وزراء إسبانيا فى زيارة لدهشور أمر يثير الاشمئزاز والغثيان، والصورة تشير بوضوح إلى سيدة أنيقة لها منصب سياسى رفيع تمد يدها حين انحنت الفلاحة المصرية الفقيرة فى ذل شديد وهى تقبل يد المسؤولة الإسبانية التى منحتها قرضًا صغيرًا.
المشهد المؤلم يعبر عن مواقف ومعان كثيرة، أولها أننا شعب ذليل تعود على تقبيل أيادى من يمنحه أى شىء، وأن ما حدث هو أمر روتينى.. وثانيها أن هذه السيدة الفقيرة تعبر عن امتنانها لمن أنقذتها بحفنة جنيهات قليلة وثالثها أن إصرار السيدة الإسبانية على مقابلة الذين تلقوا المنح شخصيًا هو لعدم ثقتها فى أن الحكومة المصرية سوف تعطى هذه المنح لمستحقيها، وأدى ذلك إلى منع العرض المسرحى الحكومى الروتينى الذى يستدعى بعض الفلاحين، ويعطيهم حمامًا ساخنًا وجلبابًا جديدًا قبل مقابلة المسؤول الأجنبى، وهكذا رأت الإسبانية الوضع على حقيقته.
ورابعًا أن هذه الفلاحة المصرية قد تربت وترعرعت فى عهد ثقافة تقبيل أيادى مَنْ فى السلطة، والجملة السائدة فى الأفلام المصرية «أبوس رجلك يا بيه» تعبر عن ثقافة الفلاحة المصرية تجاه الشرطة أو العمدة حين يحضر للقبض على ابنها.
وأخيرًا فإن النقد الموجه للحكومة لغيابها أثناء المقابلة لا أهمية له، لأن وجود الحكومة كان يعنى تزييف واقع المقابلة وتغيير معالم القرية، وهذا يذكرنى بحادثة كنت شاهد عيان عليها حين حضرت السيدة لورا بوش بصحبة السيدة سوزان مبارك لافتتاح فصل لمدرسة محو الأمية فى قرية فى منطقة سقارة، حين قامت السلطات بعمل ساتر بطول كيلومتر على الترعة المجاورة للمدرسة، واستوردت سيدات مصريات غير محجبات فى منتصف العمر وأجلستهن على كراسى الفصل.
وانتقت الدولة مدرسة من الإسكندرية تجيد الإنجليزية بطلاقة وبلكنة أمريكية، ورأت السيدة لورا نتائج برنامج محو الأمية المصرى على الطبيعة، الذى قفز من تعليم العربية إلى تعليم الإنجليزية مرة واحدة. وقد شاهدت الساتر على الترعة يزال فور انتهاء الزيارة، واختفت المدرسة والتلاميذ وأغلق الفصل إلى يومنا هذا![i]
وبعد أن دخلت المدرسة الثانوية توقفت هذه العادة تلقائيًا، ولم يحدث أن أولادى قبلوا يد أبى وهو جدهم، وهذه العادة التى أعتقد أنها انقرضت تدريجيًا فى العائلات المصرية الريفية لم تكن تعنى أو ترمز إلى عبودية من يقبل يد جده، وإنما هى تقليد قديم منبعه الحب والاحترام، وهو شىء مشابه لتقبيل الأقباط المصريين لأيادى الآباء فى الكنيسة.
وفى العصر الحديث كان أول ما لفت نظرى إلى فكرة العبودية فى هذه العادة هو الصورة التى ظهر فيها عضو مجلس الشعب المصرى عن الإخوان المسلمين، وقد تجاوز الخمسين من عمره، وهو يطبع قبلة على يد الأستاذ عاكف، مرشد الإخوان المسلمين، وهو جالس مادًا يده فى انتظار القبلة، لقد هالنى هذا المنظر، وشعرت بوخزة فى قلبى لأن هذه الصورة أعطتنى انطباعًا بأن عضو مجلس الشعب الممثل لكل أهل دائرته، من إخوان أو غير إخوان ومن مسلمين وأقباط، يقبل يد رئيس حزب دينى وهذا أعطانى الإحساس بأن الموضوع ليس تعبيرًا عن الاحترام أو حتى الولاء، وإنما هو نوع من التقديس لزعيم سياسى قد يخطئ وقد يصيب.
وأعتقد أن المشهد تكرر بصور مختلفة من أعضاء فى أحزاب سياسية أخرى، وربما لم يصل الأمر إلى تقبيل الأيدى وإنما يحدث ما يشير إلى العبودية عن طريق الكلام والاستجداء والمديح الزائف المبالغ فيه بطريقة فجة إلى جميع القيادات السياسية والتنفيذية من أعلى المستويات إلى أدناها، وتمارس القيادات نفسها هذه العادة الرذيلة المهينة حين يتحدث كل منهم عن المرؤوس الأعلى، وتحلق كلمات المديح الزائف الممجوج فى عنان السماء حين يطال المديح رئيس الجمهورية.
وما حدث هذا الأسبوع من حادثة تقبيل عجوز مصرية يد نائبة رئيس وزراء إسبانيا فى زيارة لدهشور أمر يثير الاشمئزاز والغثيان، والصورة تشير بوضوح إلى سيدة أنيقة لها منصب سياسى رفيع تمد يدها حين انحنت الفلاحة المصرية الفقيرة فى ذل شديد وهى تقبل يد المسؤولة الإسبانية التى منحتها قرضًا صغيرًا.
المشهد المؤلم يعبر عن مواقف ومعان كثيرة، أولها أننا شعب ذليل تعود على تقبيل أيادى من يمنحه أى شىء، وأن ما حدث هو أمر روتينى.. وثانيها أن هذه السيدة الفقيرة تعبر عن امتنانها لمن أنقذتها بحفنة جنيهات قليلة وثالثها أن إصرار السيدة الإسبانية على مقابلة الذين تلقوا المنح شخصيًا هو لعدم ثقتها فى أن الحكومة المصرية سوف تعطى هذه المنح لمستحقيها، وأدى ذلك إلى منع العرض المسرحى الحكومى الروتينى الذى يستدعى بعض الفلاحين، ويعطيهم حمامًا ساخنًا وجلبابًا جديدًا قبل مقابلة المسؤول الأجنبى، وهكذا رأت الإسبانية الوضع على حقيقته.
ورابعًا أن هذه الفلاحة المصرية قد تربت وترعرعت فى عهد ثقافة تقبيل أيادى مَنْ فى السلطة، والجملة السائدة فى الأفلام المصرية «أبوس رجلك يا بيه» تعبر عن ثقافة الفلاحة المصرية تجاه الشرطة أو العمدة حين يحضر للقبض على ابنها.
وأخيرًا فإن النقد الموجه للحكومة لغيابها أثناء المقابلة لا أهمية له، لأن وجود الحكومة كان يعنى تزييف واقع المقابلة وتغيير معالم القرية، وهذا يذكرنى بحادثة كنت شاهد عيان عليها حين حضرت السيدة لورا بوش بصحبة السيدة سوزان مبارك لافتتاح فصل لمدرسة محو الأمية فى قرية فى منطقة سقارة، حين قامت السلطات بعمل ساتر بطول كيلومتر على الترعة المجاورة للمدرسة، واستوردت سيدات مصريات غير محجبات فى منتصف العمر وأجلستهن على كراسى الفصل.
وانتقت الدولة مدرسة من الإسكندرية تجيد الإنجليزية بطلاقة وبلكنة أمريكية، ورأت السيدة لورا نتائج برنامج محو الأمية المصرى على الطبيعة، الذى قفز من تعليم العربية إلى تعليم الإنجليزية مرة واحدة. وقد شاهدت الساتر على الترعة يزال فور انتهاء الزيارة، واختفت المدرسة والتلاميذ وأغلق الفصل إلى يومنا هذا![i]
الخميس أبريل 15, 2010 2:22 pm من طرف hamada
» كريم عبدالعزيز:اشتقت لجمهورى
الإثنين أبريل 05, 2010 2:42 am من طرف hamada
» الوجه الجديد نهلة ذكي.. هل تتزوج المنتج محمد السبكي
الإثنين أبريل 05, 2010 2:41 am من طرف hamada
» الديلر" يعرض في شهر أبريل
الإثنين أبريل 05, 2010 2:40 am من طرف hamada
» العــدل أســاس الملك ..!!
الخميس أبريل 01, 2010 3:10 am من طرف reem
» الهرمونات الزراعيه الاسرائيليه تغزو الأسماعيليه!!!
الأربعاء مارس 31, 2010 2:43 pm من طرف reem
» الفرق بيننا وبينهم نقطة(الشيخ عايض القرني)
الأربعاء مارس 31, 2010 2:01 pm من طرف reem
» مسيلمة الكذاب و ادعاء النبوة
الأربعاء مارس 31, 2010 1:05 pm من طرف reem
» الرئيس البرازيلى: رونالدينهو لا يستحق أن يلعب فى كأس العالم
الأحد مارس 14, 2010 7:14 pm من طرف hamada