الخبر عن تعاقد هيئة البريد مع شركة خاصة لمراقبة أداء موظفيها. وهى مصادفة طيبة أن يتم زف هذه البشرى الظريفة فى ذكرى اليوم الذى رجعت فيه سينا كاملة لينا وجعلت مصر فى عيد.
فى يوم عيدنا الوطنى، الذى اطمأننا فيه على وضع يدنا على كامل تراب مصر (باستثناء بضعة آلاف من الأفدنة أهديت لهشام طلعت مصطفى والوليد بن طلال ونحو عشرة مستثمرين آخرين) نستطيع أن نعرض ما تبقى كاملاً للإيجار بالجدك، بعد أن فشلت خطة بيعها لوط واحد على مدى سنوات الخصخصة السعيدة.
ونحمد الله على أننا لم نجد المستثمر الذى يطمئن إلى شراء بلد فيه ثمانون مليون فقير إلا عشرة؛ لأن البيع كان يقتضى البحث عن مكان آخر لعيش أو موت المصريين الذين ليسوا رجال أعمال.
وفى ظل الأزمة المالية العالمية وتضاؤل فرص السفر إلى الخليج كنا سنحتاج إلى عدد من سماسرة الموت، غير متوفر فى الوقت الحالى، لنقل ثمانين مليوناً إلا عشرة إلى إيطاليا عبر البحر الغادر.
وليس علينا أن نحزن على ضياع فرصة البيع؛ فرب ضارة نافعة. فى حالة الإيجار، نستطيع الإبقاء على مارينا والبورتو بتاعتها كمان، ونساعى بعضينا فيها ونركب البحر مصطافين لا مهاجرين، وعندما نشعر بالملل من التصييف نرجع ونسترد بلدنا من المستأجر.
ونستطيع أن نضع شروطنا من البداية، بما فيها تحديد مدة حق الانتفاع والأغراض التى يمكن أن يستخدم فيها البلد من دون تعريضها للمخاطر. ولدينا ما يكفى من الخبرة الطويلة فى التعاقدات طبقاً لنظام الـ BOT وهو نظام لم يبدأ فى هيئة البريد، ولا فى إنشاء الطرق أو بلطجة رسوم الانتظار فى الشوارع ولا فى مواقف الأوتوبيسات، ولا فى بلطجة جمع أموال القمامة وليس جمع القمامة، لكنه بدأ، لمن يتذكر، فى التليفزيون، عندما تم منح شركات الإعلان حق استيراد الأفلام وتدجيجها بالإعلانات لصالحها، ثم إنتاج البرامج وتوظيف مقدمين فيها من خارج الجهاز الإعلامى الرائد!
كان التليفزيون قائد قاطرة الإعلام الرسمى لحق الانتفاع؛ حيث تبعته الصحف فى بيع إعلاناتها للوكالات، وتبعتهما سائر إدارات الحكومة حتى وصلت منظومة الإيجار والإدارة من الباطن إلى هيئة البريد المنسية، التى استطاعت بفضل الله أن تضاعف أسعار خدماتها بنسبة ألف فى المائة خلال خمس سنوات من دون أن تتقدم الخدمة فيها شبراً.
لم تزل الخطابات تتعرض للعدوان، فما يصل أصحابه يصل جريحاً كما لو كان عائداً من حرب، بينما تظل نسبة كبيرة من المراسلات فى عداد المفقودين.
ولا يستطيع أحد أن يعرف أين ذهبت أنظمة الرقابة والمتابعة الطبيعية داخل الهيئة، ولماذا لم يتحسن الأداء رغم الزيادات المهولة فى أسعار النقل التى تمكنت الهيئة من تحميلها للمواطن من تحت ستائر النسيان، مدعومة بكونها مرفقاً غير حيوى، ولا يشكل هاجساً يومياً مثل الرغيف أو الغموس أو المواصلات.
وفى المقابل لا نعرف كيف ستتحسن مكاتب البريد برقابة شركة القطاع الخاص (بواقع أربع زيارات سنوية للمكتب). وما آلية التصرف إذا قدم متجسس الشركة الخاصة معلومات للهيئة عن موظفة تقشر البطاطس فى مكتب بريد سوهاج، كيف ستتصرف مع موظفة البطاطس وكيف ستصل إلى القشر بعد أشهر من الواقعة، ومن يضمن أن الوشاية ليست كيدية، وطبقاً لأى قانون يمكن اعتماد التقرير الذى أعده متلصص غير ذى صفة فى الهيئة؟!
هذه الصفقة نموذج لتوجه عام داخل إدارات الحكومة ينطلق من فلسفة الترقيع الشهيرة، ويعكس حقيقة مضحكة إلى حد البكاء؛ حيث يتولى إدارات القطاع العام مديرون ورؤساء هم أول كافرين بالقطاع العام، ويرون أن شراء العبد من السوق أسهل من تربيته وتقويمه.
لكن الأمر يهون لو كان مجرد قضية عقيدة إدارية، إذ نستطيع أن نعيد رؤساء الهيئات إلى حظيرة الإيمان بالقطاع العام الذى يجلسون على كراسيه أو نطردهم من جنته التى يأكلون فيها الجاتوه، لكن للأسف، فإن هذه الشيطنات الإدارية تنطلق دائماً من المصلحة لا الإيمان.
والشركات التى تصاهر القطاع العام قائمة على علاقات القرابة والمصاهرة، حيث يتولى الأب حكم المؤسسة أو الهيئة بينما يتولى الابن، أو تتولى الزوجة أو الشقيق أو النسيب، إنشاء شركة طفيلية تعيش على دم المؤسسة الحكومية.
ولا أحد يسأل ماذا يصنع موظفو الهيئة أو المصلحة الأساسيون إذا كانت الحراسة تتولاها شركات حراسة خاصة، والنظافة تتولاها شركات نظافة خاصة، ونقل المرتبات فى سيارات نقل الأموال الخاصة؟!
لماذا علينا أن نتحمل اختناق الشارع طوال ساعات الليل والنهار بموظفين لا يفعلون شيئاً، لماذا لا تمتد إجازة تحرير سيناء فى الحكومة طوال العام وترك البلاد فى أيدى القطاع الخاص الأمينة؟!
لماذا، بجد بجد، لا نؤجر مصر بالجدك فى صفقة واحدة تتمتع بالشفافية بدلاً من صفقات القطاعى التى تجرى فى الظلام؟.[i]
فى يوم عيدنا الوطنى، الذى اطمأننا فيه على وضع يدنا على كامل تراب مصر (باستثناء بضعة آلاف من الأفدنة أهديت لهشام طلعت مصطفى والوليد بن طلال ونحو عشرة مستثمرين آخرين) نستطيع أن نعرض ما تبقى كاملاً للإيجار بالجدك، بعد أن فشلت خطة بيعها لوط واحد على مدى سنوات الخصخصة السعيدة.
ونحمد الله على أننا لم نجد المستثمر الذى يطمئن إلى شراء بلد فيه ثمانون مليون فقير إلا عشرة؛ لأن البيع كان يقتضى البحث عن مكان آخر لعيش أو موت المصريين الذين ليسوا رجال أعمال.
وفى ظل الأزمة المالية العالمية وتضاؤل فرص السفر إلى الخليج كنا سنحتاج إلى عدد من سماسرة الموت، غير متوفر فى الوقت الحالى، لنقل ثمانين مليوناً إلا عشرة إلى إيطاليا عبر البحر الغادر.
وليس علينا أن نحزن على ضياع فرصة البيع؛ فرب ضارة نافعة. فى حالة الإيجار، نستطيع الإبقاء على مارينا والبورتو بتاعتها كمان، ونساعى بعضينا فيها ونركب البحر مصطافين لا مهاجرين، وعندما نشعر بالملل من التصييف نرجع ونسترد بلدنا من المستأجر.
ونستطيع أن نضع شروطنا من البداية، بما فيها تحديد مدة حق الانتفاع والأغراض التى يمكن أن يستخدم فيها البلد من دون تعريضها للمخاطر. ولدينا ما يكفى من الخبرة الطويلة فى التعاقدات طبقاً لنظام الـ BOT وهو نظام لم يبدأ فى هيئة البريد، ولا فى إنشاء الطرق أو بلطجة رسوم الانتظار فى الشوارع ولا فى مواقف الأوتوبيسات، ولا فى بلطجة جمع أموال القمامة وليس جمع القمامة، لكنه بدأ، لمن يتذكر، فى التليفزيون، عندما تم منح شركات الإعلان حق استيراد الأفلام وتدجيجها بالإعلانات لصالحها، ثم إنتاج البرامج وتوظيف مقدمين فيها من خارج الجهاز الإعلامى الرائد!
كان التليفزيون قائد قاطرة الإعلام الرسمى لحق الانتفاع؛ حيث تبعته الصحف فى بيع إعلاناتها للوكالات، وتبعتهما سائر إدارات الحكومة حتى وصلت منظومة الإيجار والإدارة من الباطن إلى هيئة البريد المنسية، التى استطاعت بفضل الله أن تضاعف أسعار خدماتها بنسبة ألف فى المائة خلال خمس سنوات من دون أن تتقدم الخدمة فيها شبراً.
لم تزل الخطابات تتعرض للعدوان، فما يصل أصحابه يصل جريحاً كما لو كان عائداً من حرب، بينما تظل نسبة كبيرة من المراسلات فى عداد المفقودين.
ولا يستطيع أحد أن يعرف أين ذهبت أنظمة الرقابة والمتابعة الطبيعية داخل الهيئة، ولماذا لم يتحسن الأداء رغم الزيادات المهولة فى أسعار النقل التى تمكنت الهيئة من تحميلها للمواطن من تحت ستائر النسيان، مدعومة بكونها مرفقاً غير حيوى، ولا يشكل هاجساً يومياً مثل الرغيف أو الغموس أو المواصلات.
وفى المقابل لا نعرف كيف ستتحسن مكاتب البريد برقابة شركة القطاع الخاص (بواقع أربع زيارات سنوية للمكتب). وما آلية التصرف إذا قدم متجسس الشركة الخاصة معلومات للهيئة عن موظفة تقشر البطاطس فى مكتب بريد سوهاج، كيف ستتصرف مع موظفة البطاطس وكيف ستصل إلى القشر بعد أشهر من الواقعة، ومن يضمن أن الوشاية ليست كيدية، وطبقاً لأى قانون يمكن اعتماد التقرير الذى أعده متلصص غير ذى صفة فى الهيئة؟!
هذه الصفقة نموذج لتوجه عام داخل إدارات الحكومة ينطلق من فلسفة الترقيع الشهيرة، ويعكس حقيقة مضحكة إلى حد البكاء؛ حيث يتولى إدارات القطاع العام مديرون ورؤساء هم أول كافرين بالقطاع العام، ويرون أن شراء العبد من السوق أسهل من تربيته وتقويمه.
لكن الأمر يهون لو كان مجرد قضية عقيدة إدارية، إذ نستطيع أن نعيد رؤساء الهيئات إلى حظيرة الإيمان بالقطاع العام الذى يجلسون على كراسيه أو نطردهم من جنته التى يأكلون فيها الجاتوه، لكن للأسف، فإن هذه الشيطنات الإدارية تنطلق دائماً من المصلحة لا الإيمان.
والشركات التى تصاهر القطاع العام قائمة على علاقات القرابة والمصاهرة، حيث يتولى الأب حكم المؤسسة أو الهيئة بينما يتولى الابن، أو تتولى الزوجة أو الشقيق أو النسيب، إنشاء شركة طفيلية تعيش على دم المؤسسة الحكومية.
ولا أحد يسأل ماذا يصنع موظفو الهيئة أو المصلحة الأساسيون إذا كانت الحراسة تتولاها شركات حراسة خاصة، والنظافة تتولاها شركات نظافة خاصة، ونقل المرتبات فى سيارات نقل الأموال الخاصة؟!
لماذا علينا أن نتحمل اختناق الشارع طوال ساعات الليل والنهار بموظفين لا يفعلون شيئاً، لماذا لا تمتد إجازة تحرير سيناء فى الحكومة طوال العام وترك البلاد فى أيدى القطاع الخاص الأمينة؟!
لماذا، بجد بجد، لا نؤجر مصر بالجدك فى صفقة واحدة تتمتع بالشفافية بدلاً من صفقات القطاعى التى تجرى فى الظلام؟.[i]
الخميس أبريل 15, 2010 2:22 pm من طرف hamada
» كريم عبدالعزيز:اشتقت لجمهورى
الإثنين أبريل 05, 2010 2:42 am من طرف hamada
» الوجه الجديد نهلة ذكي.. هل تتزوج المنتج محمد السبكي
الإثنين أبريل 05, 2010 2:41 am من طرف hamada
» الديلر" يعرض في شهر أبريل
الإثنين أبريل 05, 2010 2:40 am من طرف hamada
» العــدل أســاس الملك ..!!
الخميس أبريل 01, 2010 3:10 am من طرف reem
» الهرمونات الزراعيه الاسرائيليه تغزو الأسماعيليه!!!
الأربعاء مارس 31, 2010 2:43 pm من طرف reem
» الفرق بيننا وبينهم نقطة(الشيخ عايض القرني)
الأربعاء مارس 31, 2010 2:01 pm من طرف reem
» مسيلمة الكذاب و ادعاء النبوة
الأربعاء مارس 31, 2010 1:05 pm من طرف reem
» الرئيس البرازيلى: رونالدينهو لا يستحق أن يلعب فى كأس العالم
الأحد مارس 14, 2010 7:14 pm من طرف hamada